الربيعُ العائدُ
أَطَلَّ الرَّبيعُ مِن شُرْفَتِي ،
ومَضَى يَخْتالُ بَيْنَ الْحُقُولِ ،
فاسْتَبْشَرتْ بِعَوْدَتِه الْغَبْراءُ .
اِنْشَقَّ عَنْ أديمِ الأرضِ رَبيعُها،
فالكونُ مُبْتهِجٌ حوَالَينا ،
وَالْحياةُ بَهاءُ .
وبَدا السُّنُونُو يَحلقُ في ذُراهَا ،
بَعْدَ طُول ِالغيابِ،
تُبَارِكُ مَقْدَمَهُ السَّماء ُ.
وغَرَّدَ الْعُصْفُورُ ،شَدْواً بِطَلْعَتِهِ ،
وَٱفْتَرَّ فَمُ الدُّنْيَا...
وَقَدْ خَضّبَتْ مَداهَا الخُضْرَةُ الْغَنَّاءُ .
وسَرى في الْغابِ لِلْحياةِ ذَبِيبُها ،
وَجَرَتْ بَيْنَ الحُقولِ جَداوِلٌ...
يَفِيضٌ شَوْقاً ، مِنْ جَوْفِها الْماءُ .
فٱنْتَشَتْ خِرافُ الرَّاعِي...
وَ راحَ يَشْدُو بِشَبَّابَتِهِ ،
لَحْناً طَروباً ...
تَراقَصَتْ مِنْ سِحْرِهِ الأَرْجاءُ .
وَحانَ مَوْعِدُ الطُّيرِ ،
فَالْتَفَّتْ حَولَ الدٌَوالي تَبْنِي أَوْكَارَهَا ،
عُشّاً فَعُشّاً ، وَيَكْتَمِلُ الْبِناءُ .
وَتهادىَ الْعاشقونَ بَيْنَ الرُّبَى ،
تُسْبيهِمْ ، في الْهَوى ، سَكْرَةِ الْمُنَى ،
وَالْكونُ حَوالَيْهم بَهْجَةٌ وسَناءُ.
فيُفْضيِ لِلرَّبيعِ ، كُلٌّ لَواعِجَهُ...
ويَذوبُ لَظَى الأشْواقِ،
في غَمْرَةِ الأَفْراحِ...
ويَنْسَجِمُ اللِّقاءُ .
والشِّعْرُ ...يا وَيْحَ النٌَاظِمينَ لهُ ،
اَنْسابتُ كالسَّلسَبيلِ قَصَائِدُهُ...
فََتَعَطَّرَتْ بِفَيْحِهِ الأجوَّاءُ .
هكذا َتَمْضي الْحياةُ بِرِفْقٍ...
لَيْلُها كَنهارِها ، والخِصْبُ يَملؤُها ،
وتَكتسي رَوْنقَها الأشياءُ .
فَيخْتلي حُلْوُ الفُصولِ بحُسْنِهِ
يَزهُو بِهِ في الكائناتِ ،كأَنَّمَا...
مَلِكً يُدَبِّرُ امْرَهُ كَيفَ يَشاءُ .
للشاعر المغربي
رسام الشرود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق