الشريك الثالث .........................بقلم نادية صبح
لأول مرة تدخل بيته ، كم حلمت وتخيلت لسنوات طويلة أنهما فى دار واحدة ، حتى انها حددت شكل هذه الدار وأثاثها وتفاصيلها ، لكن هذه الأحلام لم تتجاوز خيالها لتظل أمنية أيقنت مؤخراٌ انها لن تتحقق على الأقل فى هذه الدنيا .....
استقبلتها زوجته المتوشحة بالسواد ، لتتلقى منها مواساتها وعزائها فى فقد زوجها بعد ان ظنتها إحدى زميلات زوجها الراحل .....
لم يخطر ببالها أن هذه المرأة هى المالكة الحقيقية لقلب زوجها ولم تعلم بأنها حب حياته منذ ان كان مراهقاً وحتى آخر يوم فى حياته ......
جلست الزائرة الحزينة فى ركن وحدها تجتر ذكريات بعدد أيام عمرها الذى قضته وهى تحمل بين ضلوعها قلباً لم يخفق الا لرجل واحد ، منذ ان انتقلت مع اسرتها للسكن فى المنزل المقابل لمنزله لتصبح شرفات بيوتهما شرفات تُطِل على حبٍ مَلَك قلوبهما الصغيرة واحلامهما الكبيرة وكأنهما كانا على موعد مع حكاية العمر ...
لقد ملكت مشاعره برقتها وجمالها منذ اللحظة الأولى لمرآها ، ولم يترك وسيلة تُمَكِّنه من محادثتها الا ولجأ إليها ، خاصة عندما انتظمت فى الدراسة بنفس المدرسة التى كان يدرس بها وإن كان يسبقها بعامين ، ولم يَطُل الوقت حتى صارحها بحبه الجارف لها وأنها أمله فى الحياة وانه سيجتهد فى دراسته ليكون جديراً بها .....
لقد كانت اول مرة تسمع فيها هذه الكلمات التى جعلتها تُحَلِّق فى سماوات من السعادة والأمل ، لا سيما وانه كان مَحَطَّ إعجاب الكثيرات من زميلاتها بالمدرسة....
منذ ان صارحا بعضهما البعض بمشاعرهما ، أصبح كل منهما ينتمى للآخر ، يهتم لأمره ، يعلما عن بعضهما أمور قد لا يعلمها الأهل ، وكان كل منهما يمثل للآخر دافع قوى للتفوق والتميز ، خاصة وانها الإبنة الوحيدة لأم وأب لجأ للإغتراب ليحقق لها الحياة التى تليق بها وكان حريصاً اشد الحرص أن تحظى بفرصة لحياة رغيدة حتى وإن كلفه ذلك ان يحيا بمفرده فى الغربة لتبقى هى مع امها التى تفرغت لرعايتها وتربيتها ......
وقد كان له ماسعى إليه ، والتحق بكلية الهندسة كما وعدها.......
لتستكمل دراستها بالمدرسة بعدما فارقها والتحق بالجامعة ، لكنه لم يكف يوماً عن التواصل معها لمساعدتها فى دراستها خاصة بعد ان تعارفت وتصادقت امهاتهما ..........
وتمر الأيام سريعاً لتلحق به فى الجامعة فى نفس الكلية ليضع كل يوم يمر عليهما بصمته التى تؤكد حبهما وانهما خُلِقا ليكونا معاً.......
وبرغم تفوقه الذى أهَّله للعمل بالجامعة ، الا ان اباها لم يلتفت إلى ذلك الحب الكبير الذى جمع بينهما وكان يراه عثرة فى الطريق الذى رسمه لإبنته الوحيدة ووريثته لتلك الثروة التى كونها لها لتعيش فى المستوى الذي تمناه لها ، ورفض بشدة ان تقترن ابنته بشاب فى مقتبل حياته العملية برغم الصدام الذى واجهه معها عندما اصرت على الدفاع عن حب حياتها وزاد الأمر سوءًا عندما ايدتها امها فى موقفها ليتحول الصدام إلى إتهام أبيها لأمها بالتفريط فى تربيتها والتساهل معها حتى وصلت الأمور للارتباط العاطفى لمن هو ليس أهلاً لإبنتهما الوحيدة من وجهة نظره ، وتتوتر الحياة بين الأم والأب حتى كادت الأمور أن تصل لطريق مسدود ، خاصة بعدما أعلن أباها لرفضه لهذا الزواج بطريقة أساءت وأهانت حبيبها......
ويدق الأب المسمار الأخير فى نعش قصة عمرها عندما أصر على إصطحابها معه هى وأمها للحياة بالخارج وأنه ماعاد قادراً على العيش بمفرده خاصة وان ابنته انهت دراستها وآن لها ان تحصل على فرصة عمل مميزة فى القطر الذى يعمل به .......
ويُصدم الحبيب بخبر سفرها خاصة عندما عرض عليها أن يتزوجا حتى دون موافقة أباها ، لكنها ما استطاعت ان تتحمل ماقد يحدث لأمها جراء هذا الأمر وأن اباها سيُحمِّل امها فاتورة هذا القرار كاملة لا سيما وانه يعلم تعاطف امها معها مما جعله يهددها بالطلاق إذا تم هذا الزواج دون إرادته ......
وتجد نفسها فى أرض غريبة بعيدة عمن سكن قلبها بل ٱمتلكه منذ كانت صبية وما تخيلت ان ينازعه أحد فى هذه المكانة ، لتعيش رافضة لأى آخر مهما كان مناسباً .......
لقد استطاع أباها ان يحرمها من ان تكتمل قصة عمرها بالزواج ، لكنه لم يستطع ان يجبرها على الإقتران بآخر يراه جديراً بها ، لتعيش وحيدة مع ذكرياتها حتى يئس من إقناعها بالزواج وكانها كانت تقتص منه بقسوته عليها وعلى من احبت .....،
ويعيش الأب اسوا فترات حياته عندما كان يراها وقد تحولت لآلة تعمل وتعمل وفقط !!!!!!!!؛؛
ماعاد يعنيها من الحياة مايعنى الفتيات فى عمرها ، وماعاد يسعدها شيء ، وماعادت علاقتها بأبيها مثلما كانت ، برغم انها الآن تعيش معه بعد طول إغتراب ، حتى امها اصبحت كنبتة إقتلعت من جذورها لتغرس فى ارض غير ارضها وزاد من حزنها الصدامات التى عاشتها مع زوجها والتى اكدت تسلطه وقسوته وتجاوزه لأى شيء ليفرض وجهة نظره مهما كانت الخسائر ..........
وياتى اليوم الذى يُبدى فيه الأب مرونة غير معهودة فى إعادة النظر فى امر زواج ابنته ممن احبته بعد مرور سنوات أثبتت فيها أنها لن تكون لغيره مهما طالت السنوات ، لترقص الأفراح بعينيها بعدما سكنتها الأحزان لسنوات ، وتعود للديار لتفاجئه بموافقة ابيها أخيراً.......،
لكن المفاجاة كانت من نصيبها هى ، عندما علمت قبل ان تلقاه أنه عقد قرانه على صديقة أخته بعدما طالت غيبتها ويئس من عودتها ، خاصة وانه لم يعلم بتغير موقف اباها منه ، لتسقط منهارة من هول ماسمعت وكأنما الأقدار كانت لهما بالمرصاد .........،
ويفاجأ ابواها بعودتها بعد يوم واحد من سفرها لكنها عادت حطام إنسان وماعرفت للسعادة طريق منذ ذلك اليوم لتعيش ماتبقى لها فى حزن وإغتراب حتى بعد وفاة ابويها ، لتعود بعد سنوات طويلة، لقد حرصت على ألا تتواصل معه باى شكل حتى لا تتعقد حياته خاصة وانها كانت تتحسس اخباره من بعيد لتعلم أنه اقام اسرة ورُزِق بغلامين وطفلة أسماها على إسمها ، لتتأكد انها ماغابت عن قلبه وعقله يوماً........
وياتى اليوم الذي يلقاها بمحض الصدفة وكأن الزمان قد رفق بهما بعد طول شقاء ، لتنطق العيون بآلاف الكلمات التى إختزناها لسنوات ، ويبوح كل منهما للآخر بتقرير عن سنوات الفراق التى لم تزدهما إلا شوقاً وتقديس لذلك الحب الذى ما هزمته السنوات ولاضيعته المسافات .........
بقدر ماسعدت للُقياه ولِبَوّحِه لها بأنه على عهده بحبه لها بقدر ما آلمها ان المستحيل كان دوماً شريكهما الثالث فى قصة حبهما ...........
وافترقا وبقلوبهما حب زاده اللقاء رسوخاً وتأكيداً ، لكنهما كانا من النُبل للدرجة التى لم تجعلهما يختارا السعادة على أشلاء زوجة وأطفال لم يأثموا فى حقهما ، ليبقى الحب فى القلوب لا يغادرها لأرض الواقع .......
وإكتفيا بلقاءات بين الحين والآخر لتصبح رؤياه أثمن أمانيها وجُلَّ سعادتها ، وقد رضيت بأقل القليل ، رضيت بان تكون على هامش حياته برغم انها وهبته عمرها كله ، لأنها ما استطاعت ان تكون لغيره فى يوم من الأيام ......
لتصحو ذات يوم على رنين الهاتف الذي يخبرها مُحدثها بفاجعة حياتها .......
فارق حبيب عمرها كله الحياة بعدما عجز قلبه ان ينبض بالحب والحزن معاً لمزيد من الوقت ..
فارق الحياة ولم يتجاوز الخامسة والأربعين ، ليترك بداخلها خواء ووحدة وفقد لا يغادرها ...
كانا بعيدين لكن انفاسه كانت تُعطر دنياها .....
كانت تشعر ان مهمتها فى الحياة ان تحبه حتى لو لم يكن لها ....
شعرت فجأة بانها إنزلقت فى هاوية ليس لها قرار ولا نهاية .....
وتملكها إحساس بان ماتبقى من عمرها أصبح عبء عليها بعدما اختصرت احلامها فى ان تلحق به ........
برغم جمالها وثروتها ومركزها إلا انها أصبحت تشعر بالخوف كطفلة فقدت ذويها لأن وجوده كان بالنسبة لها الأمان حتى ولو على البعد.........
نعم لم تعش معه لكنها كانت تعيش به ........
نعم لم تكن زوجته وام اولاده لكنها كانت حكاية عمره التى لم يطمسها الزمان ........
وارادت أن تتنفس نفس الهواء الذى كان يتنشقه فى لحظاته الأخيرة .......
ارادت ان تشم عبيره وان تشعر بروحه وطيفه ، وكان لها ما ارادت عندما دخلت بيته للمرة الأولى ........
لكنه لن يستقبلها ولن يرحب بها ، ولن ترى لمعه عينيه بمرآها ..........
جالت ببصرها فى المكان وهى تجاهد دموعها لتحدِث لنفسها قائلة : أنا الجديرة بتلقى العزاء والمواساة فى فقد حبيب عمرى .......
انا القلب الذى ظل وسيظل نابضاً بحبه ما حييت .......
انا الروح التى عاشت هائمة حوله حتى على البعد .......
انا الجسد الذي حرَّمَ على نفسه ان يكون لغيره يوماً .......
انا التى ارتضيت ان أحيا بقربه ولو فى الظل ......
انا ......... له .............. وبه .............
وإذا كان القدر قد حرمها من قربه فى حياته ، فلقد أصبح فى مقدورها أن تكون قريبة منه برغم مغادرته الحياة ، لتصبح زيارتها لمثواه زادَها الذى تقتات عليه ويَحدوها الأمل ان تجمعهما رحمة الله بعيداً عن دنيا الأحزان والفراق ........
لأول مرة تدخل بيته ، كم حلمت وتخيلت لسنوات طويلة أنهما فى دار واحدة ، حتى انها حددت شكل هذه الدار وأثاثها وتفاصيلها ، لكن هذه الأحلام لم تتجاوز خيالها لتظل أمنية أيقنت مؤخراٌ انها لن تتحقق على الأقل فى هذه الدنيا .....
استقبلتها زوجته المتوشحة بالسواد ، لتتلقى منها مواساتها وعزائها فى فقد زوجها بعد ان ظنتها إحدى زميلات زوجها الراحل .....
لم يخطر ببالها أن هذه المرأة هى المالكة الحقيقية لقلب زوجها ولم تعلم بأنها حب حياته منذ ان كان مراهقاً وحتى آخر يوم فى حياته ......
جلست الزائرة الحزينة فى ركن وحدها تجتر ذكريات بعدد أيام عمرها الذى قضته وهى تحمل بين ضلوعها قلباً لم يخفق الا لرجل واحد ، منذ ان انتقلت مع اسرتها للسكن فى المنزل المقابل لمنزله لتصبح شرفات بيوتهما شرفات تُطِل على حبٍ مَلَك قلوبهما الصغيرة واحلامهما الكبيرة وكأنهما كانا على موعد مع حكاية العمر ...
لقد ملكت مشاعره برقتها وجمالها منذ اللحظة الأولى لمرآها ، ولم يترك وسيلة تُمَكِّنه من محادثتها الا ولجأ إليها ، خاصة عندما انتظمت فى الدراسة بنفس المدرسة التى كان يدرس بها وإن كان يسبقها بعامين ، ولم يَطُل الوقت حتى صارحها بحبه الجارف لها وأنها أمله فى الحياة وانه سيجتهد فى دراسته ليكون جديراً بها .....
لقد كانت اول مرة تسمع فيها هذه الكلمات التى جعلتها تُحَلِّق فى سماوات من السعادة والأمل ، لا سيما وانه كان مَحَطَّ إعجاب الكثيرات من زميلاتها بالمدرسة....
منذ ان صارحا بعضهما البعض بمشاعرهما ، أصبح كل منهما ينتمى للآخر ، يهتم لأمره ، يعلما عن بعضهما أمور قد لا يعلمها الأهل ، وكان كل منهما يمثل للآخر دافع قوى للتفوق والتميز ، خاصة وانها الإبنة الوحيدة لأم وأب لجأ للإغتراب ليحقق لها الحياة التى تليق بها وكان حريصاً اشد الحرص أن تحظى بفرصة لحياة رغيدة حتى وإن كلفه ذلك ان يحيا بمفرده فى الغربة لتبقى هى مع امها التى تفرغت لرعايتها وتربيتها ......
وقد كان له ماسعى إليه ، والتحق بكلية الهندسة كما وعدها.......
لتستكمل دراستها بالمدرسة بعدما فارقها والتحق بالجامعة ، لكنه لم يكف يوماً عن التواصل معها لمساعدتها فى دراستها خاصة بعد ان تعارفت وتصادقت امهاتهما ..........
وتمر الأيام سريعاً لتلحق به فى الجامعة فى نفس الكلية ليضع كل يوم يمر عليهما بصمته التى تؤكد حبهما وانهما خُلِقا ليكونا معاً.......
وبرغم تفوقه الذى أهَّله للعمل بالجامعة ، الا ان اباها لم يلتفت إلى ذلك الحب الكبير الذى جمع بينهما وكان يراه عثرة فى الطريق الذى رسمه لإبنته الوحيدة ووريثته لتلك الثروة التى كونها لها لتعيش فى المستوى الذي تمناه لها ، ورفض بشدة ان تقترن ابنته بشاب فى مقتبل حياته العملية برغم الصدام الذى واجهه معها عندما اصرت على الدفاع عن حب حياتها وزاد الأمر سوءًا عندما ايدتها امها فى موقفها ليتحول الصدام إلى إتهام أبيها لأمها بالتفريط فى تربيتها والتساهل معها حتى وصلت الأمور للارتباط العاطفى لمن هو ليس أهلاً لإبنتهما الوحيدة من وجهة نظره ، وتتوتر الحياة بين الأم والأب حتى كادت الأمور أن تصل لطريق مسدود ، خاصة بعدما أعلن أباها لرفضه لهذا الزواج بطريقة أساءت وأهانت حبيبها......
ويدق الأب المسمار الأخير فى نعش قصة عمرها عندما أصر على إصطحابها معه هى وأمها للحياة بالخارج وأنه ماعاد قادراً على العيش بمفرده خاصة وان ابنته انهت دراستها وآن لها ان تحصل على فرصة عمل مميزة فى القطر الذى يعمل به .......
ويُصدم الحبيب بخبر سفرها خاصة عندما عرض عليها أن يتزوجا حتى دون موافقة أباها ، لكنها ما استطاعت ان تتحمل ماقد يحدث لأمها جراء هذا الأمر وأن اباها سيُحمِّل امها فاتورة هذا القرار كاملة لا سيما وانه يعلم تعاطف امها معها مما جعله يهددها بالطلاق إذا تم هذا الزواج دون إرادته ......
وتجد نفسها فى أرض غريبة بعيدة عمن سكن قلبها بل ٱمتلكه منذ كانت صبية وما تخيلت ان ينازعه أحد فى هذه المكانة ، لتعيش رافضة لأى آخر مهما كان مناسباً .......
لقد استطاع أباها ان يحرمها من ان تكتمل قصة عمرها بالزواج ، لكنه لم يستطع ان يجبرها على الإقتران بآخر يراه جديراً بها ، لتعيش وحيدة مع ذكرياتها حتى يئس من إقناعها بالزواج وكانها كانت تقتص منه بقسوته عليها وعلى من احبت .....،
ويعيش الأب اسوا فترات حياته عندما كان يراها وقد تحولت لآلة تعمل وتعمل وفقط !!!!!!!!؛؛
ماعاد يعنيها من الحياة مايعنى الفتيات فى عمرها ، وماعاد يسعدها شيء ، وماعادت علاقتها بأبيها مثلما كانت ، برغم انها الآن تعيش معه بعد طول إغتراب ، حتى امها اصبحت كنبتة إقتلعت من جذورها لتغرس فى ارض غير ارضها وزاد من حزنها الصدامات التى عاشتها مع زوجها والتى اكدت تسلطه وقسوته وتجاوزه لأى شيء ليفرض وجهة نظره مهما كانت الخسائر ..........
وياتى اليوم الذى يُبدى فيه الأب مرونة غير معهودة فى إعادة النظر فى امر زواج ابنته ممن احبته بعد مرور سنوات أثبتت فيها أنها لن تكون لغيره مهما طالت السنوات ، لترقص الأفراح بعينيها بعدما سكنتها الأحزان لسنوات ، وتعود للديار لتفاجئه بموافقة ابيها أخيراً.......،
لكن المفاجاة كانت من نصيبها هى ، عندما علمت قبل ان تلقاه أنه عقد قرانه على صديقة أخته بعدما طالت غيبتها ويئس من عودتها ، خاصة وانه لم يعلم بتغير موقف اباها منه ، لتسقط منهارة من هول ماسمعت وكأنما الأقدار كانت لهما بالمرصاد .........،
ويفاجأ ابواها بعودتها بعد يوم واحد من سفرها لكنها عادت حطام إنسان وماعرفت للسعادة طريق منذ ذلك اليوم لتعيش ماتبقى لها فى حزن وإغتراب حتى بعد وفاة ابويها ، لتعود بعد سنوات طويلة، لقد حرصت على ألا تتواصل معه باى شكل حتى لا تتعقد حياته خاصة وانها كانت تتحسس اخباره من بعيد لتعلم أنه اقام اسرة ورُزِق بغلامين وطفلة أسماها على إسمها ، لتتأكد انها ماغابت عن قلبه وعقله يوماً........
وياتى اليوم الذي يلقاها بمحض الصدفة وكأن الزمان قد رفق بهما بعد طول شقاء ، لتنطق العيون بآلاف الكلمات التى إختزناها لسنوات ، ويبوح كل منهما للآخر بتقرير عن سنوات الفراق التى لم تزدهما إلا شوقاً وتقديس لذلك الحب الذى ما هزمته السنوات ولاضيعته المسافات .........
بقدر ماسعدت للُقياه ولِبَوّحِه لها بأنه على عهده بحبه لها بقدر ما آلمها ان المستحيل كان دوماً شريكهما الثالث فى قصة حبهما ...........
وافترقا وبقلوبهما حب زاده اللقاء رسوخاً وتأكيداً ، لكنهما كانا من النُبل للدرجة التى لم تجعلهما يختارا السعادة على أشلاء زوجة وأطفال لم يأثموا فى حقهما ، ليبقى الحب فى القلوب لا يغادرها لأرض الواقع .......
وإكتفيا بلقاءات بين الحين والآخر لتصبح رؤياه أثمن أمانيها وجُلَّ سعادتها ، وقد رضيت بأقل القليل ، رضيت بان تكون على هامش حياته برغم انها وهبته عمرها كله ، لأنها ما استطاعت ان تكون لغيره فى يوم من الأيام ......
لتصحو ذات يوم على رنين الهاتف الذي يخبرها مُحدثها بفاجعة حياتها .......
فارق حبيب عمرها كله الحياة بعدما عجز قلبه ان ينبض بالحب والحزن معاً لمزيد من الوقت ..
فارق الحياة ولم يتجاوز الخامسة والأربعين ، ليترك بداخلها خواء ووحدة وفقد لا يغادرها ...
كانا بعيدين لكن انفاسه كانت تُعطر دنياها .....
كانت تشعر ان مهمتها فى الحياة ان تحبه حتى لو لم يكن لها ....
شعرت فجأة بانها إنزلقت فى هاوية ليس لها قرار ولا نهاية .....
وتملكها إحساس بان ماتبقى من عمرها أصبح عبء عليها بعدما اختصرت احلامها فى ان تلحق به ........
برغم جمالها وثروتها ومركزها إلا انها أصبحت تشعر بالخوف كطفلة فقدت ذويها لأن وجوده كان بالنسبة لها الأمان حتى ولو على البعد.........
نعم لم تعش معه لكنها كانت تعيش به ........
نعم لم تكن زوجته وام اولاده لكنها كانت حكاية عمره التى لم يطمسها الزمان ........
وارادت أن تتنفس نفس الهواء الذى كان يتنشقه فى لحظاته الأخيرة .......
ارادت ان تشم عبيره وان تشعر بروحه وطيفه ، وكان لها ما ارادت عندما دخلت بيته للمرة الأولى ........
لكنه لن يستقبلها ولن يرحب بها ، ولن ترى لمعه عينيه بمرآها ..........
جالت ببصرها فى المكان وهى تجاهد دموعها لتحدِث لنفسها قائلة : أنا الجديرة بتلقى العزاء والمواساة فى فقد حبيب عمرى .......
انا القلب الذى ظل وسيظل نابضاً بحبه ما حييت .......
انا الروح التى عاشت هائمة حوله حتى على البعد .......
انا الجسد الذي حرَّمَ على نفسه ان يكون لغيره يوماً .......
انا التى ارتضيت ان أحيا بقربه ولو فى الظل ......
انا ......... له .............. وبه .............
وإذا كان القدر قد حرمها من قربه فى حياته ، فلقد أصبح فى مقدورها أن تكون قريبة منه برغم مغادرته الحياة ، لتصبح زيارتها لمثواه زادَها الذى تقتات عليه ويَحدوها الأمل ان تجمعهما رحمة الله بعيداً عن دنيا الأحزان والفراق ........
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق